ظلّا متزوّجين ستّين سنة ، كانا خلالها يتصارحان حول كلّ شيء، ويسعدان بقضاء كلّ الوقت فيالكلام أو خدمة أحدهما الآخر، ولم تكن بينهما أسرار ؛ ولكنّ الزّوجة العجوز كانت تحتفظ بصندوق فوق أحد الرّفوف ، وحذّرت زوجها مراراً من فتحه أو سؤالها عن محتواه .
ولأنّ الزّوج كان يحترم رغبات زوجته فإنّه لم يأبه بأمر الصّندوق إلى أن جاء يومٌ أنهك فيهالمرض الزّوجة ، وقال الطّبيب أنّ أيّامها باتت معدودة .
بدأ الزّوج الحزين يتأهّب لمرحلةالتّرمّل، ويضع حاجيّات زوجته في حقائب ليحتفظ بها كتذكارات ، ثمّ وقعت عينه على الصّندوق فحمله وتوجّه به إلى السّرير حيث ترقد زوجته المريضة الّتي ما إن رأت الصّندوق حتّى ابتسمت في حنوّ وقالتله: لا بأس .. بإمكانك فتح الصّندوق الآن ..
فتح الرّجل الصّندوق ووجد بداخله دميتين من القماش وإبر النّسج المعروفة بـ(الكروشّيه) ، وتحت كلّ ذلك مبلغ 25 ألف دولار ، فسألها عن تلك الأشياءفقالت العجوز هامسة: عندما تزوّجتك أبلغتني جدّتي أنّ سرّ الزّواج النّاجح يكمن في تفادي الجدل والشّكوى ، ونصحتني بأنّه كلّما غضبتُ منك أكتم غضبي وأقوم بصنع دميةمن القماش مستخدمة الإبر،هنا كاد الرّجل أن يشرق بدموعه: دميتان فقط ؟يعني لم تغضبي منّي طوال ستّين سنة سوى مرّتين؟!!!
ورغم حزنه على كون زوجته في فراش الموت ؛ فقد أحسّ بالسّعادة لأنّه فهم أنّه لم يغضبها سوى مرّتين ... ثمّ سألها: حسناً ، عرفنا سرّ الدّميتين ولكن ماذا عن الخمسةوالعشرين ألف دولار؟ أجابته زوجته: هذا هو المبلغ الّذي جمعته من بيع الدّمـى ..!!!
هل يملك أحدنا أن يكون مثل هذه الزّوجة الصّابرة المحسنة فيكظم مشاعره السّلبيّة تجاه الغير ، ويحوّلها إلى طاقة إيجابيّة تعود عليه وعلى من حوله بالخير؟!!
لا شكّ أنّ ذلك يحتاج إلى إرادة وعزيمة لا يملكها سوى المؤمنون المحسنون .
قال تعالى :
(( والكاظمين الغيظ والعافين عن النّاس والله يحبّ المحسنين)) .
وقال :
(( ولمن صبر وغفر ، إنّ ذلك لمن عزم الأمور ))
توقيع
فيلسوف الحياة